أجواء رائعة مهيبة تغمر الملتزم حديثا،..
رهبة القرب تسحره،..
شعور قوي بأنه بعث من جديد،..
خلع عن جسده رداءً متسخا ضيقا،..
وأهداه الله لباس التقوى،..
ينتفض قلبه بين أضلعه،..

يود أن يهتدي الناس أجمعون لكي يذوقوا حلاوة العودة إلى الله.





ولكن يخطئ من يتصور أن الالتزام أمر يسير، وحياة وردية بلا أي مشاكل، لقد أوضح لنا الرسول صلى الله عليه وسلم هذا في قوله: "يأتي على أمتي زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر"..

وهل يقطف ثمار الجنة إلا من تعب في غرسها؟

فهناك العديد من العثرات التي يجدها الملتزم حديثا في طريقه إلى الله، إن لم يعِ خطورتها وكيفية التعامل معها؛ ربما يتعثر، ولا يستطيع استكمال الطريق.
فإما أن يجر ذيل الخيبة ويعود إلى حياة الفوضى والمعاصي حيث كان يعربد، أو يقف مكانه في منتصف الطريق؛ لا يطول جنة المقربين، ولا يلهو مع المغرورين. فترى ما هي تلك العثرات؟..

هذا ما سنعرفه من قصص عايشها الملتزمون..

الفتور السريع

في بداية التزامه واجه عبد الرحمن خيزران – كاتب مغربي بعض الصعوبات منها: الاندفاع في التدين دون تدرج، وافتقاد لذة العبادة، وفتور القلب، ونقصان في حلاوة الإيمان.

وتسترجع ندى محمد - مهندسة معمارية سورية معنا ذكريات بداية التزامها؛ حيث نشأت في أسرة غير ملتزمة. وعندما قررت الالتزام والتقرب إلى الله؛ حاصرها بعض المحيطين من أجل الخروج من الإطار الذي حددته لنفسها.

وكانت مشكلتها في الشعور بالاغتراب في المجتمع الذي تعيش فيه، وزاد من ضيقها أن معظم من عرفتهم من المتدينين لا صلة لهم بالعلم ولا يناقشون بالفكر، فقط يقلدون ويتشددون. بالإضافة إلى تعدد الآراء، وتنوع الطوائف، وتناطح المتدينين في النقاش بالمسجد، ورحلتها الشاقة في البحث عن داعية تثق بآرائه.

سخرية المجتمع

ورغم قسوة المشكلات الإيمانية التي يتعرض لها الملتزم حديثا والتي تكفي وحدها لزعزعة استقراره النفسي، فإن المجتمع يشارك بنصيب الأسد في زيادة معاناة الملتزمين الجدد.

يقص محسن شامخ – مدرس مصري ما واجهه من مشكلات؛ أبرزها اعتراض الكثير من أهله وأصدقائه على إطلاقه للحية، وتساؤلهم في سخرية: "أهذا الالتزام في وجهة نظرك؟".

ويعلق على كلامهم: "كل ذنبي أنني أردت تطبيق ما أستطيع من السنن، حتى لو كنت قد بدأت بالأمور الشكلية قبل أن أستفيض من العلم".

حتى لو صدمك المجتمع بسخريته و محاولته التشكيك في التزامك فلا عليك بما يقولون رغم قساوة التجربة فقط... كن مع الله و لا تبالي


طلبوا خلع النقاب!

ولم تخلُ تجربة شيماء عبيد – طالبة مصرية من المرارة؛ فلم تكن ترتدي الحجاب، ولا تؤدي الفرائض، ولكنها سئمت هذه الحياة بعد فترة، وبدأت في اتباع ما أمرنا الله به، وارتدت النقاب، وبدأت في تقنين مشاهدة التلفاز، والابتعاد عن الاختلاط الزائد، حتى استشعرت وجود الله يراقبها في كل تصرفاتها.

وكانت في أمس الحاجة إلى من يقف بجانبها في هذه الفترة الانتقالية الصعبة؛ إلا أنها وجدت المحيطين على النقيض تماما، لم يشعروا بحالة عدم التوازن التي تعانيها، لم يصدقوها، ورأوا في حجابها زينة وليس تطبيقا لأمر الله.

الموقف الأكثر إيلاما لها؛ هو الذي تعرضت له من قبل زميلاتها الملتزمات في الجامعة، فلقد أرسلت إحداهن خطابا لها أثناء إحدى الحلقات الدينية بالمسجد؛ طالبة منها أن تخلع النقاب؛ لأنها ليست الإنسانة التي يمكن أن تلتزم به.

وللجميع أن يتخيل ما شعرت به شيماء؛ عندما رأت نظرات الاستهتار والسخرية ممن حولها، قتلها الخجل من نفسها، وراودتها فكرة خلع النقاب، ولكن الله ردها إلى صوابها، وثبت أقدامها.
فهل هكذا تنصح الملتزمة أختها في الله؟؟؟ هل تنفرين أختك في الله أم تأخذين بيدها، تحسنين الظن بها و تعينينها على طاعة الله؟؟

التردد النفسي

وتشرح الدكتورة سعيدة أبو سوسو - أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر أسباب التوتر النفسي المصاحب للملتزمين حديثا؛ موضحة أن الإنسان يشعر بالتردد النفسي عندما ينتقل من الفوضى إلى الالتزام، ويفكر إلى الرجوع إلى ما كان عليه إذا لم يجد تشجيعا ودعما من المحيطين.

وترى د. سعيدة أن العلاج الحقيقي لحالة التردد يكمن في القراءة والبحث عن المعرفة الدينية الداعمة للالتزام الديني؛ باعتبارها وقاية نفسية للملتزم حديثا من الشك في التزامه. فإذا ما اقتنع المسلم بالتزامه، لن تستطيع قوة أن تؤثر عليه".

من عرف ربه حق المعرفة لزم عتبة العبودية و هان عليه كل صعب اللهم فقهنا في ديننا حتى نكون ممن إذا سمع أمرك قال "سمعنا و أطعنا" وإذا عرف سنة من سنن الحبيب المصطفى طبقها وحرص على الأخذ بالعلوم الشرعية من منابعها فلا يلتبس عيه أمره

ويجمل الدكتور عبد الحكم الصعيدي- الأستاذ بجامعة الأزهر معاناة الملتزم حديثا فيما يلي:

أولا: الحنين إلى مرحلة التساهل وعدم الالتزام بالضوابط الشرعية، فهو يقارن حاله بعد الالتزام بحالة قبل الالتزام؛ لأن الالتزام مقيد، وهو ما أكده النبي صلى الله عليه وسلم: "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات".

ثانيا: تخاذل الوسط الاجتماعي والأسري عن مساندته؛ فقد يجد الملتزم حديثا بعض المنغصات التي تؤثر عليه، وقد تصرفه عن التزامه؛ كأن يكون هو الملتزم الوحيد في أسرته، أو لا يستطيع ترك ثلة الإخوان غير الملتزمين لما يربطه بهم من روابط.

ثالثا: قلة المعلومات الدينية؛ وهو ما يؤدي إلى حيرته في كثير من الأحوال، وقد لا يسعفه وجود عالم واعٍ يوضح له هذه القضايا.

الوحدة.. أقسى ما يعانيه الملتزم حديثا

ويؤكد د. الصعيدي إمكانية مواجهة هذه العقبات من خلال:

1 - العزيمة الصادقة والتوكل على الله، وترك كل أمر يجر إلى الوراء.

2الصحبة الصالحة التي تعين على الطاعة، حيث يقول تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} ( الكهف: 28).

3 الانتظام اليومي على ورد ثابت من القرآن الكريم والاستغفار والأدعية النبوية.

قوة الإرادة

ويشير الدكتور محمد أبو ليلة -رئيس قسم اللغة الإنجليزية للدراسات الإسلامية بالجامعة الدولية بأمريكا الجنوبية أولى المشكلات التي تواجه الملتزم حديثا في "قوة إرادة"؛ لأنها تحدد تعامله مع المجتمع، وقدر جهاده لنفسه.

أما الشعور بالانجذاب للماضي، والذي يعد من المشكلات الخطيرة التي تواجه المتدين حديثا، فإن د. أبو ليلة يعتبره أمرا طبيعيا في بداية الالتزام، ويرجع مقاومته إلى قوة الإرادة، والرغبة الحقيقية في التغيير.

ويعتبر أن المتدين حديثا كالمدخن والمدمن للرذيلة؛ إما أن ينسى الماضي ويتغلب عليه حتى ينقى دمه، وإما أن يظل أسيرًا للماضي الأسود بلا مستقبل؛ لأن العاصي ليس له مستقبلا.

وبخلاف قوة الإرادة؛ يرصد د. أبو ليلة أهم المشكلات أمام الملتزم حديثا؛ وهي: عدم توفر بيئة محيطة صالحة، والجهل، وقسوة القلب، والانفتاح الزائد عن الحد، والاختلاط الشديد في بين الرجال والنساء.

ويختتم د. أبو ليلة بوضع عدة خطوات عملية يجب أن يسير عليها الملتزم حديثا؛ تتمثل في:

1 - الاقتراب من الصالحين؛ لأنه يدعم إرادة المتدين، كما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "المؤمن مرآة المؤمن والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه".

2 – عدم الانقطاع عن العبادة لأي سبب؛ لأن الانقطاع عن ممارسة الدين يكون بمثابة انقطاع عن الدواء بالنسبة للمريض، فإذا انقطع الملتزم حديثا عن العبادة فسوف ينتكس ويتضاعف مرضه.

3 – تحصيل العلم الديني، وزيادة حضور جلسات الوعظ، وتذكر الموت وأحوال الآخرة؛ لأن ذلك يزيل قسوة القلب، ويحمي المتدين من فساد البيئة المحيطة، ويجعل في قلبه رحمة بنفسه وبالآخرين.

4 – تقوى الله في كل وقت، فعلى كل من دخل الإسلام العملي بعد غيبة أو تغييب؛ أن يتقي الله حيثما كان، ويتوب بسرعة ويندم على أي ذنب اقترفه.

5 - مخالقة الناس بأخلاق حسنة، وعدم مخاطبتهم باعتبار نفسه مفتيا في الدين، وينبغي أن يحمي نفسه من التطرف في الفكر والرأي.

6 – عدم التقوقع وهجر الناس، بل يستعين المتدين بمنظور الدين في فهم الواقع والتعامل مع العالم.

7- عدم النظر إلى غير المتدينين على أنهم يعيشون في عالم الضلال، بل يتواضع لله، ويشكره على نعمة الدين، فربما يتعثر ويرجع في لحظة.




إسلام أون لاين
صبحي مجاهد- نهال محمود مهدي
جمادى الآخرة 1427هـ - 12/7/2006م
بتصرف



13 commentaires

غير معرف يقول... @ 17 ديسمبر 2008 في 12:18 م

جزاك الله خيرا يا احلام اختي :-)

غير معرف يقول... @ 17 ديسمبر 2008 في 10:10 م

السلام عليكم
جزاك الله خيرا
ضربت على الوتر الحساس
اللهم نسالك الثبات حتى الممات
بوركت يا اختي

Ahlem Al-muslima يقول... @ 17 ديسمبر 2008 في 11:49 م

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته

وفيكم بارك الرحمن و جزاكم الله خيرا
اللهم وفقنا لخيري الدنيا و الآخرة

غير معرف يقول... @ 20 ديسمبر 2008 في 4:48 م

في البدايةالسلام عليكم ورحمة الله

اخوكم محمود " محامي "

وجزا الله خيرا كل من قام وساعد في هذا

وانا بردة ها اقول جزء بسيط و الله عني

ان انا حسيت ان الموضوع دة بيحكي عني للمشاكل اللي انا فيها حاليا

وهيا ان انا الحمد لله ربنا من علي بالهداية والعودة الية من رمضان السابق اي منذ عدة اشهر

وقررت اتباع سنة النبي ومنها اطلاق اللحي ومن وقتها وانا ان كان هناك البعض القيليل من يشجعني وساندني ولكن
للاسف هناك الكثير الذي يعارض هذا ومن هولاء من هم من داخل الاسرة او اذا صح العائلة

ومن بعض الخارجين ايضا

والسخرية وان كانت مقبولة ايضا والتقليل و التشكيك في عبادتنا لله

والحجة الاساسية من لدي البعض ان الدين لا يتعلق بالمظهر فقط ونحن جميعا نعرف ذلك وانا اعرفة ولكن ليس هناك مانع من تقويم النفس مع تقويم الشكل واتباع سنة الرسول

وهناك اخر من يقول ان وظيفتي وعملي كمحامي يتعارض مع اطلاق اللحي او اتباع سنة الرسول

وما اود قولة ان هناك اساليب كثيرة للتقليل والتشكيك في طرق تقرب العبد الي ربة

ولكني ادعو الله دائما انة كما هداني للصواب ان يثبتني علي اتباعة واتباع سنة نبية محمد " صلي الله علية وسلم "

غير معرف يقول... @ 22 ديسمبر 2008 في 7:22 م

السلام عليكم
آآمين أخي
أحبك الله و ثبتك على الحق

أنا مهندس معماري
أنا كذلك في نفس الموقف

لكن الذي يهون علي هو لذة الطاعة لله
شيء لا يوصف
أن تشعر بعضمة الله
وأن تشعر في نفس الوقت برحمته وبلطفه

الحمد لله
كل شيء يهون

غير معرف يقول... @ 22 ديسمبر 2008 في 8:38 م

السلام عليكم
و انا,,,,, لا شيء
ولكن رحمة الله جعلتني احس بمعنى ان تخجل رحمة الله المسبغة قبل ان تخاف عقابه
و ان اتوكل على الله فانال اكثر مما ارغب
الحمد لله و الصلاة و السلام على اشر ف المر سلين
فكيف ارضى اذا عملت صالحا ان اقدمه لنفسي بل الي
رسولنا الكريم و لوالدي و كل من حباني بعلم او دعاء

و اسال الله ااجابة وان يمن الله علينا بالصبر و التقوى ’’’
انا الان كل شيء,,,(: بمعية الله
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ، استغفرك وأتوب إليك

Ahlem Al-muslima يقول... @ 22 ديسمبر 2008 في 8:47 م

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
ماشاء الله
ثبتكم الله إخواني الله و هداكم للحق المبين
اللهم يا مقلب القلوب و الابصار ثبت قلوبنا على دينك
اللهم آآآمين

غير معرف يقول... @ 22 ديسمبر 2008 في 8:55 م

۞ أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓ‌ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ (١٩) ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ ٱلۡمِيثَـٰقَ (٢٠) وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦۤ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّہُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ (٢١) وَٱلَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّہِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرًّ۬ا وَعَلَانِيَةً۬ وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ لَهُمۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ (٢٢) جَنَّـٰتُ عَدۡنٍ۬ يَدۡخُلُونَہَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآٮِٕہِمۡ وَأَزۡوَٲجِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِہِمۡ‌ۖ وَٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةُ يَدۡخُلُونَ عَلَيۡہِم مِّن كُلِّ بَابٍ۬ (٢٣) سَلَـٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡ‌ۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ (٢٤)

غير معرف يقول... @ 22 ديسمبر 2008 في 8:59 م

جزاك الله خيرا اختي الكريمة و جعل لك رزقا من حيث لا تحتسبين اامين

Ahlem Al-muslima يقول... @ 22 ديسمبر 2008 في 9:27 م

اللهم آمـــــــــين
وجزاك الله خيرا مثله و أحسن إليكم
يارب غفرانك

غير معرف يقول... @ 22 ديسمبر 2008 في 9:59 م

ما شاء الله على هذا التجمع الطيب
اختي احلام الزيادة من فضلك
اللهم ثبتنا على الحق الى ان نلقاك و انت راض عنا

غير معرف يقول... @ 24 ديسمبر 2008 في 1:26 ص

بسم الله الرحمان الرحيم
الايات من سورة الرعد’
و صدق الله العظيم,.
اخي الفاضل انيس ايضا جزاك الله خيرا ’ماجور باذن الله

ABDELKADER يقول... @ 17 سبتمبر 2009 في 4:28 ص

جزاكم الله كل خير و ثبتنا و ثبتكم على الصراط المستقيم

إرسال تعليق