إذا ذكرت قصة شخص فعل شيئا خطأ - دون ذكر اسمه - بقصد الاعتبار وعدم الوقوع في ذلك الخطأ ، مع العلم بأن الحاضرين لا يعرفون ذلك الشخص الذي أقصده. هل تعتبر غيبة، أم هي جائزة لما فيها من نفع ؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ذكر القصة للعبرة والعظة دون ذكر أصحابها أو معرفة السامعين بهم جائز، وليس من الغيبة في شيء، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا…." متفق عليه ، وغيره من الأحاديث التي فيها ذكر أفعال دون ذكر أصحابها تحذيراً من فعلها. وعليه فالغيبة لا تكون إلا مع التعيين، أو الإبهام مع معرفة السامعين بالمتكلم عنه، لأن معرفتهم حينئذ تنزل منزلة التعيين، لحصول التنقيص في حق المتكلم عنه، والمرء حسيب نفسه، وإنما الأعمال بالنيات، وليحذر المسلم أن يخرج غيبته في قالب من الصلاح، كأن يقول : مسكين فلان - ويسميه - فعل كذا وكذا، فيظن السامع أنه مشفق على من يغتابه، وهو متشف يكاد يَشرِق بغيظه. والله المستعان.
واعلم أخي السائل أن الغيبة لاتباح إلا لغرض شرعي ، وقد ذكر أهل العلم ستة أسباب تبيح الغيبة ، وهي :
الأول: التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان أو القاضي، وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه.
الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر، ورد العاصي إلى الصواب، فيقول لمن يرجو قدرته، فلان يعمل كذا فازجره عنه.
الثالث الاستفتاء، بأن يقول للمفتي ظلمني فلان أو أبي أو أخي بكذا فهل له كذا؟ وما طريقي للخلاص، ودفع ظلمه عني؟
الرابع: تحذير المسلمين من الشر، كجرح المجروحين من الرواة والشهود والمصنفين، ومنها: إذا رأيت من يشتري شيئاً معيباً ، أو شخصا يصاحب إنساناً سارقاً أو زانيا أو ينكحه قريبة له ، أو نحو ذلك ، فإنك تذكر لهم ذلك نصيحة، لا بقصد الإيذاء والإفساد.
الخامس: أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته، كالخمر ومصادرة أموال الناس، فيجوز ذكره بما يجاهر به، ولا يجوز بغيره إلا بسبب آخر.
السادس: التعريف، فإذا كان معروفاً بلقب: كالأعشى والأعمى والأعور والأعرج جاز تعريفه به، ويحرم ذكره به تنقيصاً. ولو أمكن التعريف بغيره كان أولى . وقد نص على هذه الأمور الإمام النووي في شرحه لمسلم ، وغيره. والله أعلم
1 commentaires
جزاك الله خير
إرسال تعليق