حكم تحية غير المسلمين



هل يمكن لغير المسلم أن يحيّي بـ"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" الذي للمسلمين؟ وهل يمكن للمسلم أن يحيّي أو يردّ بنفس الطريقة على غير المسلم؟ فلقد شاهدت أناساً يعتقدون بهذا وبعكسه.

الفتــوى لفضيلة الشيخ فيصل مولوي :

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ..

1- نعم، يمكن لغير المسلم أن يحيّي بعبارة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ولكنّه لا ينال الأجر الذي يناله المسلم باعتبار هذه التحيّة سنّة من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، وغير المسلم لا يعتقد ذلك.

2- نعم يجوز للمسلم أن يحيّي غير المسلم بلفظ السلام، روي هذا القول عن ابن عبّاس وابن مسعود أبي أمامة وابن محيريز وعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة والشعبي والأوزاعي والطبري، واختار هذا القول السيد رشيد رضا في تفسير المنار والشيخ الشنقيطي في أضواء البيان.

- ونحن نؤيّد هذا القول بناءً على الآيات الكريمة التي تأمر بالسلام بشكل مطلق ومنها:

- قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا أو تسلّموا على أهلها" ( النور:26)

- قوله تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، وقالوا: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" ( القصص:25)

- قوله تعالى: ".. وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاماً"

( الفرقان:63)

- قوله تعالى: "وقيله يا ربّ إنّ هؤلاء قوم لا يؤمنون، فاصفح عنهم وقل: سلام فسوف يعلمون" ( الزخرف : 88)

- قوله تعالى: "قال: سلام عليك سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفياً"( مريم : 47)

- وكذلك الأحاديث الصحيحة التي تأمر بالسلام بشكل مطلق أيضاً أي تجاه جميع الناس:

(.. وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) متّفق عليه.

- (لمّا خلق الله آدم، قال اذهب فسلّم على أولئك النفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيّتك وتحيّة ذريّتك. فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله) متّفق عليه.

- (أفشوا السلام..) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، وابن حبّان في صحيحه.

- أما الحديث الصحيح الذي اعتمد عليه جمهور العلماء حتى قالوا بكراهية التحية لغير المسلم بالسلام أو حرمتها فهو قوله صلى الله عليه وآله وسلّم: (لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام..) رواه مسلم. فهو يتعلّق بحالة حرب كانت قائمة. يؤيّد ذلك روايات أخرى للحديث وهي صحيحة أيضاً: (إنا غادون على يهود، فلا تبدأوهم بالسلام) رواه أحمد والطبراني بسند رجاله رجال الصحيح. وكان هذا يوم غزو بني قريظة. وفي رواية ثانية لأحمد: (إني راكب غداً إلى يهود، فلا تبدأوهم بالسلام..) وهو صحيح كما جاء في الفتح الرباني. ونقل العسقلاني في فتح الباري رواية البخاري في الأدب المفرد والنسائي أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال: (إني راكب غداً إلى اليهود فلا تبدأوهم بالسلام).

هذا الرأي (وهو جواز إلقاء التحية على غير المسلم بلفظ السلام) والذي قال به جمهور كبير من العلماء داخل المذاهب وخارجها يتأكّد بالنسبة إليك لوجودك خارج ديار الإسلام في حالة سلم، وضمن ما يعتبر ميثاقاً مع البشر الذين تعيش معهم سواء كنت من أهل تلك البلاد أو مقيماً فيها. وذلك لأنّ مهمّتك في هذه الحالة الدعوة. وإنّ الابتداء بالتحيّة من أخلاق الدعاة .

3- أما إذا حيّاك غير المسلم بلفظ السلام، فإنّ الردّ عليه يصبح واجباً لقوله تعالى: (وإذا حييتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها) ( النساء :86) فندب إلى الفضل وأوجب العدل، والعدل في التحيّة تقتضي أن يردّ عليه نظير سلامه كما قال ابن القيّم (أحكام أهل الذمّة).

راجع في هذا الموضوع كتب التفسير للآيات المشار إليها وخاصة تفسير القرطبي – والمنار لرشيد رضا – وراجع كتب شرح الأحاديث وخاصة : فتح الباري بشرح صحيح البخاري وشرح النووي على صحيح مسلم والفتح الرباني على مسند الإمام أحمد، وأحكام أهل الذمّة لابن القيّم .

جزاكم الله كلّ خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


ملاحظة, فيما يخص المرأة عليها التقيد باحكام النص الوارد في نفس هدا البلوق هل يجوز لي أن أسلم أو أرد السلام على امراة أجنبية عني . يعني من غير المحارم ؟.

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

1 commentaires

أنا مسلم يقول... @ 17 مايو 2009 في 9:36 م

رد السلام على الكافر على ثلاثة أقسام
إذا سلم الكافر على المسلم فهل يرد عليه ؟ وإذا مد يده للمصافحة فما الحكم ؟ وكذلك خدمته بإعطائه الشاي وهو على الكرسي ؟.

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" إذا سلم الكافر على المسلم سلاماً بيناً واضحاً فقال : السلام عليكم ، فإنك تقول : عليك السلام ، لقوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) النساء / 86 ، أما إذا لم يكن بيناً واضحاً فإنك تقول : وعليك .

وكذلك لو كان سلامه واضحاً يقول فيه : السام عليكم يعني الموت فإنه يقال : وعليك .

فالأقسام ثلاثة :

الأول : أن يقول بلفظ صريح : " السام عليكم ". فيجاب : " وعليكم ".

الثاني : أن نشك هل قال : " السام " أو قال : "السلام" ، فيجاب : "وعليكم" .

الثالث : أن يقول بلفظ صريح : "السلام عليكم" . فيجاب : "عليكم السلام" ؛ لقوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) .

قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ :

" فلو تحقق السامع أن الذي قال له : سلام عليكم لا شك فيه، فهل له أن يقول : وعليك السلام أو يقتصر على قوله : وعليك ؟ فالذي تقتضيه الأدلة وقواعد الشريعة أن يقال له : وعليك السلام ، فإن هذا من باب العدل ، والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان ، وقد قال تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) . فندب إلى الفضل ، وأوجب العدل ، ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما ، فإنه صلى الله عليه وسلم ، إنما أمر بالاقتصار على قول الراد : وعليكم على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم ، ثم قال ابن القيم : والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور لا فيما يخالفه . قال الله تعالى : ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ) المجادلة / 8 .

فإذا زال هذا السبب ، وقال الكتابي : سلام عليكم ورحمة الله فالعدل في التحية أن يرد عليه نظير سلامه . أ.هـ أحكام أهل الذمة 200 /1.

وفي صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم : السام عليكم ، فقولوا : وعليك " . والسام هو الموت .

وإذا مد يده إليك للمصافحة فمد يدك إليه وإلا فلا تبدأه .

وأما خدمته بإعطائه الشاي وهو على الكرسي فمكروه ، لكن ضع الكأس على الطاولة ولا حرج .

انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/36 .

http://www.islamqa.com/ar/ref/43154

إرسال تعليق